Loading...
gravatar

رقعة الدم ذاتها في سوريا

شِبّيحة النظام السوري يلمعون أسنانهم الحادة وأحذيتهم الخشنة كل صباح، ويخرجون متحمسين لممارسة المزيد من القتل، ظنا منهم أنهم بهذا يدافعون عن سيدهم الرئيس بشار الأسد المتمسك بالسلطة. إنهم يقتلون بلا رحمة ويشوهون الجثث ثم يعودون مساء إلى ثكناتهم ليتبادلوا الأنخاب، وكلهم سعادة بما فعلوا. لكنهم ينسون أنهم تركوا خلفهم قصصا مأساوية مرعبة.
أفراد من المعارضة السورية يخرجون كل صباح متحمسين لحصد المزيد من الأدلة المصورة عن جرائم فلول الشبّيحة، ويكونون أكثر سعادة إذا حصلوا على قصص أكثر مأساوية ورعبا، يستثمرونها فيما بعد إعلاميا لتلميع صورتهم وتشويه صورة خصومهم المشوهة أصلا.
إنها رقعة الدم السوري ذاتها، التي ليس لدى الشبّيحة من وسيلة للدفاع عن النظام الحاكم في دمشق سوى توسيعها، وليس لدى المعارضة من مشروع للاستيلاء على الحكم سوى باستثمار توسعها.
الفريق الأول يقتل ليضمن بقاءه، والفريق الثاني يدفع الناس، بشكل ما، إلى دائرة الموت، ويتوقع أن تحدث مشاهد قتل كثيرة، فتحدث فعلا بأكثر من المتوقع، وهكذا تتيقن كل الفرق الأخرى المتفرجة، أن أفراد الفريق الأول غير جديرين بالبقاء.... في الحكم، بينما أفراد الفريق الثاني صالحون جدا.. صالحون لاستلام الحكم، بعد أن يقضوا على خصومهم بأن يجعلوهم يفعلون بأنفسهم ما يفعل العدو بعدوه. إنها رقعة الدم ذاتها.
بشار الأسد وشبيحته يقومون بإصلاحات كبيرة من نوع خاص. إنهم يُخرجون الناس من السجون ويقودونهم إلى المقابر، يعطونهم الحق في الخروج إلى الشارع للاحتجاج، لكنهم إذا خرجوا واحتجوا أطلقوا الرصاص عليهم. وهكذا يتبين أن الأسد وأعوانه على استعداد أن يقتلوا الشعب كله ليفرضوا عليه حكمهم. هل من مصلحة "الأسد" أن يحكم غابة لا وجود لكائنات أخرى فيها؟ يحكم ماذا ويحكم من؟ وإذا جاع يأكل ماذا ويأكل من؟
من مصلحة أي وحش مفترس أن يضمن ﺘﻜﺎﺛﺮ واﺳﺘﻤﺮار الكائنات التي يفترض أنه سيفترس بعضها مستقبلا.
وأيضا على المعارضة أن تدرك أنها بصدد مواجهة نظام حكم في البلاد، وليست بصدد مواجهة البلاد. إن الرئيس السوري ليس هو سوريا. ولهذا عليها، أي المعارضة، أن تتحلى بالمصداقية وأن تكف عن التشكي المفرط والتوسل المرضي للغرب، عبر الاستعانة بإعلام عربي تابع لفئة مشبوهة، لا تقوم بغرس أشجار في حديقتها لتتباهى بها أمام الآخرين، بل تتمنى أن تحترق حدائق الآخرين لكي لا يجدوا ما يتباهون به أمامها، فيحزنون وتفرح هذه الفئة المشبوهة.. تفرح لحزنهم فقط.
إن سوريا بلد عظيم بشعبها وأرضها وتاريخها وحضارتها، وفيها الكثير جدا مما يجب أن يُخاف عليه، ويثير غريزة الطمع في نفوس المغتاظين من جمالها، وليست مجرد هكتارات من الرمل وأرصدة بنوك وآبار نفط، وميكروفونات تقرع وواجهات تلمع.
بقلم : علي مغازي/ شاعر وكاتب جزائري

اقرأ المزيد لـ "علي مغازي" في ()
فيصل القاسم॥ إنه يروّض الديوك أليس كذلك..!!؟؟

شكاوى॥ شكاوى.. إلى مطلع الفجر

أحدث المواضيع

الأرشيف

سجّل معنا ليصلك جديدنا

أدخل بريدك الإلكتروني:

كن صديقي