الفتاوى الفقهية في زمن الثورات العربية = الفتنة الصغرى

الكاتب الجزائري يتحفظ على مسمى 'الربيع العربي' معتبرا أنه لا يزال محل جدل معرفي واصطلاحي كبير في الساحة الثقافية العربية.
كتب ـ يوسف سليماني / ميدل ايست أونلاين:يتناول كتاب "الفتنة الصغرى الفتوى الفقهية في زمن الثورات العربية"، للكاتب والإعلامي الجزائري محمد بغداد، ظاهرة الفتوى الفقهية التي صاحبت الثورات العربية، وما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، وهو المصطلح الذي تحفظ عليه الكاتب، معتبرا أنه لا يزال محل جدل معرفي واصطلاحي كبير في الساحة الثقافية العربية، وأنه تبلور فقط في ساحة التداول الإعلامي.
وتناول الكاتب الصادر عن دار الحكمة للنشر والتوزيع الجزائرية، هذه الظاهرة، من زاوية التتبع والإحصاء لأغلب الفتوى التي انخرطت في غمار الثورات العربية، ووقف عند أهم الشيوخ الذين أصدروا هذه الفتاوى، التي صنفها الكاتب إلى نوعين، الأولى ما ذهب إلى الوقوف موقف المساند والمدعم والمحرض على الانخراط في الثورات، معتبرة إياها بالواجب الديني الذي يجب أن يقوم به المسلم، وسيؤجر عليه في الدنيا، وينال ثوابه من الله في الآخرة، وحكمة على الأنظمة السياسية بالخروج عن الصواب والحق.
والنوع الثاني؛ تلك الفتاوى التي جزمت بحرمة مجرد الاعتصام والتظاهر، وأقسمت بأن الإسلام يحرم كل ذلك ويمنع الثورات ضد الأنظمة السياسية القائمة، مهما كانت جائرة وظالمة، وأكدت هذه الفتاوى أن من يشارك في الثورات، سيعاقبه الله تعالي في الدنيا ويلحقه العذاب الأليم في الآخرة.
الكاتب، وبقدر ما بيَّن مصادر هذه الفتوى، وقدم نماذج بالتوثيق لكل شيخ، من الشيوخ الذين أصدروا هذه الفتاوى، بقدر ما احتفظ بالأمانة العلمية في نسب هذه الفتاوى لأصحابها، وفي هذا الإطار قدم فتاوى كل من الشيخ القرضاوي، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ علي فركوس، وعائض القرني، والشيخ عصام البشير، والشيخ حاكم المطيري، وعدد كبير من الشيوخ، الذين كانوا نجوما في الثورات العربية، ولكنه في الوقت نفسه ناوش هذه الفتاوى بالكثير من التساؤل، من زاوية الآليات الفقهية التي تتحكم في إصدار الفتاوى في الأدبيات الفقهية القديمة.
الكاتب تناول في كتابه بالكثير من العمق في الطرح والنقاش، قضية مهمة تتمثل المنظومة الفقهية الإسلامية، من حيث تاريخها ومضمونها الفكري والسياسي والثقافي، ووقف عند ابرز محطاتها التاريخية وانتاجاتها الفقهية، التي أسست بتراكم العصور إلى ما يسمى بالفقه السياسي، أين تناول علاقة السياسي بالفقهي في إطار حركة التاريخ.
من جهة أخرى، طرح الكاتب مسالة أخرى تتمثل في صراع النخب في الوطن العربي، وبالذات موقف النخب العلمانية من هيمنة الفتوى الفقهية على فضاء الثورات العربية، وتوقف عند الجدل الثقافي القائم بين هذه النخب، والنخب الفقهية من حيث الموقف والخطاب والتداعيات.
كتاب محمد بغداد "الفتنة الصغرى الفتوى الفقهية في زمن الثورات العربية"، من شانه أن يثير الكثير من النقاش، كون الكتاب يتناول قضية الربيع العربي التي لا تزال في بدايتها، من حيث النشأة والتناول، وأيضا من جهة القضية الأساسية المتعلقة بقضية الفقيه وعلاقته بحركة المجتمع.



