Loading...
gravatar

الحرب الأهلية في ليبيا: تلك الهدية التي كان ينتظرها المتطرّفون


دعونا نتّـفق مبدئيا أن أنظمة الدول المغاربية هي كنظيرتها في المشرق والخليج: فاسدة، مستبدة وغير شرعية، ومن الضروري العمل على إسقاطها. لكن كيف.. وبأية وسائل، ومن هم المخوّلون للقيام بذلك..؟
طبعا لن أشرعَ في وضع إجابات جاهزة، فعملٌ من هذا النّوع يتطلّب على الأقل 9600 صفحة، وقد يجعل بعض القرّاء يضحكون، في وقت قلّتْ فيه فرص الضّحك، إلا على الذّقون.
لكنّـني بالمقابل سأكتب وفي ذهني تلك الأسباب التي تحجب الحقائق أمام بعض الطّامحين لخوض مغامرة تحدي النظام القائم في هذا البلد المغاربي أو ذاك، لتحقيق (التغيير).
عن أي تغيير نتحدث..!!؟..
إذا لم يكن تغييرا من الوضع السيء إلى الوضع الجيد أو الأقل سوءا.. فالأفضل أن نبقى على ما نحن عليه، أليس كذلك..!!؟؟..
في البلدان المغاربية يوجد شباب ذهبي، ينتفض في الشّارع بكل حماس. يضحّي بوقته وماله وعمله، وأحيانا بحياته، ليطلق صرخة حرية في وجه الظّلم. لكن، يوجد أيضا وراء السّتار أشخاص مشبوهون، يعملون ليل نهار لنهْب ثمرة نضالات هؤلاء الشباب والمتاجرة بها.
وأشخاص آخرون (عروبيون)، لديهم عقْدة إزاء الثقافة المحليّة، يسعون لمشرقة المغرب الكبير وخلجنته، ليحصلوا على علامة (جيد جدا)، من مراجع دينية وأخرى سياسية ووسائل إعلام عربية تشجّع جميع الناس على الثورة، بينما تمنعها على مواطنيها.
كما يوجد رجال مبهورون بالحداثة المستوردة، لدرجة الحقد على الوشم في جباه الأمهات، ويودّون لو يقتلعونه. والأسوأ أن الخارطة المغاربية تعجّ بالمتطرفين المستعدّين لإطلاق الرصاص على جميع الناس وإحراق الغابات وتدمير الزّرع والضّرع، طمعا في الاستيلاء على السّلطة وتأسيس دولة الخلافة (الإسلامية) المأمولة.
لا أريد في هذا المضمار أن أردد خطابا رسميا تتبناه الحكومة الجزائرية فيما يخصّ مخاوفها من “تزايد عمليات تهريب الأسلحة في المنطقة جراء الحرب الأهلية الليبية”. لكنني لا أستطيع بالمقابل التغاضي عمّا أراه حقيقة.
إنّ أغلبَ الجزائريين يفهمون جيدا (ما معنى انتقال قطعة سلاح بين أشخاص، لا غاية لهم إلا نسْف الدولة من أساسها).
قد يقول بعض المتحمسّين هنا أو هناك: “إن المعارضة المسلحة في ليبيا حريصة على التحكم في زمام الأمور، كما لقوات حلف شمال الأطلسي عينا لا تغفل ولا تنام”.
وهكذا نشعر ببعض الطمأنينة لفترة وجيزة، ثم ما نلبث أن نتذكّر تلك الحكمة التي مفادها:(إن بعض الخراب يحلّ بسبب النوايا الحسنة)، كما نتذكّر ما يمرّ علينا يوميا من أخبار عاجلة أبطالها: (كتائب) و(ثوار) ليبيون.
إذا كان الأمر بهذه البساطة فما جدوى وجود الدولة. أليس هذا هو نموذج القاعدة المصغّر: جماعات تحمل السلاح وتقاتل تحت راية غير معترف بها في المجتمع الدولي..!!؟؟
إن ما يحدث في ليبيا الآن لأخطر مما نتوقع جميعا وقد يفضي إلى مآسي لا حدود لها. فمع كل يوم يمر على هذه الحرب اللعينة تنمو خلايا إرهابية جديدة وتتوسع خرائط عنف بأسرع مما يمكن لرصد إمكانات تطورها وانتشارها.
وعليه يجب رفع صوت واحد: هيا نوقف الحرب حالا. ويكون على الكتائب النظامية أن تلقي السلاح وعلى الثوار أن يطرحوا جانبا رغبة (الانتقام من «القذافي»)، فتعنت الطرفين سيكلف غاليا ويكون الهدية التي ينتظرها المتطرفون.
إذن، لا ضرر من إيجاد حل سلمي سريع تستلم المعارضة المسلحة بموجبه الحكم لفترة انتقالية، ويعتزل القذافي السلطة بـ: ضمانات يحصل عليها جزاء تنازله مقابل تعهدات يلتزم بها، تخص في مجملها ملف محاربة التطرف في المغرب الكبير وإفريقيا. على أن يتم كل هذا بإرادة الليبيين وحدهم، في جو ديمقراطي لا مكان فيه لمحركات حلف شمال الأطلسي، ولا لبنادق (الكتائب) و(الثوار) على حد سواء.

بقلم:علي مغازي
-------------------------------------------------
المقال في المصدر:
الحرب الأهلية في ليبيا: تلك الهدية التي كان ينتظرها المتطرّفون
Guerre civile libyenne: L'aubaine tant attendue par les extrémistes
Libyan civil war, the long-awaited boon for extremists

أحدث المواضيع

الأرشيف

سجّل معنا ليصلك جديدنا

أدخل بريدك الإلكتروني:

كن صديقي