Loading...
gravatar

فنانة تونسية تشهر ريشتها في معركة الألوان



مريم بن حسن
تبعث في مفردات رموزها الحية مشهدا حياتيا
يقف عند حدود الحدث
فهي لا ترى اشياءها بحس آني انفعالي مجرد


ردا على السلفي الذي انزل العلم التونسي


ميدل ايست أونلاين/ بقلم: عبدالرحمن جعفر الكناني
أخذت الألوان مساراتها، ورسمت وقائع المواجهة الأعنف دفاعا عن الوجود المستهدف من قبل تيار سلفي متطرف، يرى الحاضر من ثقب صخرة أثرية، في لوحة نفذتها الفنانة التشكيلية التونسية مريم بن حسن وجعلت منها "خطابا" رمزيا يختصر في مضامينه قيم الأرض والسماء التي يجسدها الحضور الإنساني المتجدد تحت شمس الله.

وتبعث في مفردات رموزها الحية مشهدا حياتيا متكاملا، لا يقف عند حدود الحدث الراهن، فهي لا ترى اشياءها بحس آني انفعالي مجرد، حين وضعت تفاصيل رؤياها في كون مفتوح، يتحرك الوطن فيه روحا نابضة في زمن أزلي لا يدرك سره إلا الله، تتساقط فيه غربان الشر المتلحفة برداء كهنوتي لم تفرض السماء ارتداءه، ان هو إلا بدعة افتعلها المبتلون بلوثة عقلية، يفضحها جلباب قصير لا يستر انفصاما في شخصية فقدت توازنها في عصر حديث.

وأحيت عبر رؤياها الأبعد من افق اصولي ضيق، هذا التآلف الحسي الدقيق بين مؤثرات الجمال في مكونات المكان وتداخلاته المعقدة بأشكال الصراع، ووظائف الادوات التشكيلية في تشييد بناءات فنية، تجسد موضوعات حياتية، يراها المتلقي فعلا يثير ردة فعل في الحواس، لكنه يعجز عن بنائها فنيا.

فتجلت مريم بن حسن عبر هذا التآلف الإيقاعي بين الجمال وتقنياته، في قراءة حدث واقعي قائم، وتسلقت أسوار تونس الشاهقات واقتنصت غربان الشر المتساقطة من أعلى الأسوار إلى قاع الأرض، جاعلة من العلم الوطني رمزا موحدا لا يعلو عليه رمز آخر، وهو يكشف عن هوية تونسية لا يقوى على مسخها متطرف دخيل.

واقتربت من المكان، فاقتربت به من ذهن المتلقي بجماليات متأثرة ومؤثرة، مستندة على دلائل لا يخطيء في ادراكها أحد، اذ جعلت من السارية التي يرتقي في قمتها العلم شريانا يتصاعد من اعماق القلب، يرفرف في فضاءات السموات العلا على ايقاع نبضاته، في رؤيا سريالية يتكافأ فيها الحسي والواقعي.

وأخذت الدلالات مساراتها باقتدار فني يعي السر الكامن في المفردة التشكيلية إلى حواس المتلقي كما ارادتها مريم بن حسن، لونا وشكلا وحركة، أضحى فيها كل شيء مقصود، لا مكان فيها للصدفة او التزويق، ليرى بإيحاء رمزي تونس السابحة في فضاء اخضر، يتموج بتموجات ردائها الأزلي البراق.

فكان الجمال في رؤيا عقلها المبدع، تشخيصا حسيا لإفرازات مشهد راهن، برز فيه عابث بمقدس إنساني مطلق، دعاها لتوظيف ادواتها الفنية في ترميم انكسارات في لحظة اهتزازات زمن متغير، ينتظر بلوغ مداه الحضاري.

الأربعاء، 2
0 مارس 2012 -

أحدث المواضيع

الأرشيف

سجّل معنا ليصلك جديدنا

أدخل بريدك الإلكتروني:

كن صديقي