Loading...
gravatar

جبهة التحرير.. التحرير من ماذا؟؟

بقلم: علي مغازي / أحاديث مبللة

لدينا في الجزائر قانون يمنع تأسيس أحزاب أو جمعيات ذات طابع ديني أو عرقي أو لغوي· وهذا بالتأكيد أمر جيد حتى لا تنفلت الأمور ونخرج من ديمقراطية الأفكار والبرامج إلى ديمقراطية المزايدات في أمور تتعلق بأهم مكونات الشعب الجزائري· ورغم أن هذه الديمقراطية لم تتكامل كممارسة للحياة السياسية في شكلها ومضمونها مع الواقع العملي، إلا أنها تظل أفضل من لا شيء، أو أفضل من ديمقراطية تقوم على احتكار الرموز واستثمارها لبلوغ غايات سياسوية على حساب قيم الدولة الجزائرية كما يجب أن تكون·

لكن ماذا عن تلك الأحزاب ذات المرجعية التاريخية، التي تستثمر في رموز الثورة الجزائرية وأدبياتها، بل في أهم رمز، ألا وهو ''جبهة التحرير الوطني''··؟؟·

إن نشيدنا الوطني الذي تفتتح به جميع الأحزاب تجمعاتها يتضمن هذا البيت الشعري المؤثر ''جبهة التـحرير أعطيناك عـهدا وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر''·· وبالطبع فهذا مناف لروح الديمقراطية، فلا يعقل أن يكون مناضلون من حزب آخر ملزمين بترديد نشيد يردُ فيه اسم حزب منافس، ينشط في الميدان السياسي وقد يكونون خصوما له ورافضين لسياساته وبرامجه، رغم ذلك فهم يقسمون على عهدهم مع هذا الحزب·

والواقع أن اسم جبهة التحرير الوارد في النشيد هو ذاته الاسم الذي يحمله الحزب العتيد في الجزائر، وهذه دعاية مجانية يقرها دستور بلادنا·

الأطفال في المدرسة يؤدون كل صباح تحية العلم، ويجددون العهد مع الوطن والشهداء ومع جبهة التحرير التي حملت لواء الحرية إلى أن جلبت الاستقلال لكل الجزائريين، لكنهم أثناء فترة الانتخابات يرون صورا لمناضلين مكتوب في أعلاها ''جبهة التحرير الوطني''، وهذا يعني أنهم سيتعاطفون مع الاسم لمجرد أنه مرتبط بنشيدهم المحبب· إنهم بذلك يشبون على الوثوق بهذا الحزب والولاء له كجزء من تكوينهم، وسيصوتون في المستقبل لصالحه بغض النظر إذا كانت أفكار مرشحيه وبرامجهم جيدة أو غير جيدة·

إن هذه الأمور الشكلية مهمة جدا لأنها تتعلق بالرموز الوطنية، ولهذا يجب التفكير بخوض خطوة إلى الأمام لمنع الأحزاب ذات الطابع التاريخي، وهكذا نكون قد حققنا جانبا من العدل بين الأحزاب ولو ظاهريا حتى تكون المنافسة السياسية قائمة على الأفكار والبرامج، وليس على استغلال التاريخ لأغراض حزبية·


علي مغازي كاتب بري

أحدث المواضيع

الأرشيف

سجّل معنا ليصلك جديدنا

أدخل بريدك الإلكتروني:

كن صديقي