الكمال عيب والنقصان فضيلة!••
1
لا أحد ينكر التحسن الملموس في سلوكات قبيلة الرجال، إنهم بالفعل صالحون ويتحلون بشجاعة فائقة، ويقدمون بمحض إرادتهم مزيدا من التنازلات الهامة لقبيلة النساء، القابعة في الجانب الآخر من النهر· لقد صار الرجل في بلادنا يقر بحقوق المرأة ولا يتوانى في إعلانها، أمام الملأ، إنه يظهر في المؤتمرات والمهرجانات والولائم وعلى شاشات التلفزيون وهو يقول: ''أنا أحترم المرأة و··· و··· و···''· يا إلهي، إنه يقول هذا دون أن تتورم عضلات وجهه أو يتكسر فكه السفلي!!!
أليست هذه نتائج ممتازة!؟ إنها بالفعل كذلك ولا يتغاضى عن هذا إلا جاحد·
النساء بدورهن، لم يكن ناكرات جميل، وقدرن هذا العطاء الذي بذله الرجال، ولهذا فهن يغتنمن الفرصة دائما، ليقفن صفا واحدا وينشدن: ''شكرا يا رجال شكرا··· شكرا يا رجال شكرا···''· وهكذا···
2
الرجال عادة يسعدون بكونهم فعلوا شيئا يستحق التنويه· فلطالما أبهروا النساء بمواقف شتى، وآن لهم أن يفكروا مليا في السؤال التالي· ماذا يمكن أن يطلب الرجل من المرأة؟
في الواقع إنه سؤال صعب فهم يشعرون بأن شيئا ما ينقصهم، وبالمقابل يعتقدون بقدرتهم على امتلاك كل شي· يا لهذا التناقض المرعب!!!
لا علينا·· لنقل، إن المرأة كاملة· لأنها اعترفت بنقصانها وآمنت به ودافعت عنه·· أي أن لديها مساحة خالية، لمراجعة الذات، للأخذ والرد، التعديل والنقد، والمناورة···
الرجل ناقص· لأنه مقتنع بكماله·· وثابت فيه·· مرصوص، مدكوك، معبأ، محشو تماما كبرميل البارود·· لا حركة·· ششششت، لا نفس·· إلى الأماااااااااام··· درْ··· خلف سرْ·· سرْ··· حتى تسقط وتمو··و··و··ت···
3
تستطيع المرأة أن تنتقم من الرجل، على عصور القهر التي عانتها بسببه، وذلك بأن تعمق لديه قناعاته الرجولية· وتعترف له بضعفها حتى ترضي غروره، وعندما يتعب من النضال العبثي لا تسمح له بأن يسقط في أحضانها، بل إنها تزجره وتقول له: ''قم أنت رجل·· أنت قوي، الرجال لا يسقطون، قمْ وسر، إلى الأمام''· والرجل يصدق ويسير إلى الأمام·
منذ فجر التاريخ وهو يسير إلى الأمام·· بلا نهاية··
4
كل الأنظمة القمعية بنت تاريخها على ظهر الرجل، وتحققت بسببه كل الحروب والمجاعات والأوبئة·· وازدهر الفن الرديء والإعلام المتخلف والأصولية المتحجرة واليمينية المتطرفة على يديه، وانتعشت القصائد العمودية وأمّنت مستقبلها على حسابه؛ بيت تلو البيت تلو البيت····خررررررر· والمرأة تراقب عن كثب·
لم تكن المرأة أبدا ناكرة جميل، وقدّرت هذا العطاء الذي بذله الرجل، لهذا تقف عادة خارج الصف الواحد وتنشد: ''شكرا يا رجل شكرا··· شكرا يا رجل شكرا···''· وهكذا·· ثم تضحك عليه وهو غير منتبه، تضحك وتخفي ضحكتها·· وإذا توقف ليلتقط أنفاسه تستكين له فيفور الدم في عروقه ثم يواصل رحلة الوهم، يواصل موته غير المعلن·
-------------
بقلم : علي مغازي/ شاعر وكاتب جزائري
عن جريدة الجزائر نيوز -أحاديث مبللة-